Page 64 - m
P. 64
العـدد 60 62
ديسمبر ٢٠٢3
لا الضعف مقابل القوة ،وواضح من كلامه أن والساحر ،ويلجآن إلى الواضح والقريب.
قيمة الخجل قيمة اجتماعية قديمة في المجتمعات ومن الومضات الموحية الومضة التالية« :بتلات
وردة /نملة /حملتها /غذاء لأطفالها» (ص–142
الإنسانية ،وليست خاصة بالمجتمع العربي. )143فالومضة تقدم لوحة ،وتجعل المتلقي يحار في
وغلبت على الومضات أي ًضا البساطة والعفوية اختيار موقفه ،هل يتعاطف مع الوردة ،التي فقدت
بتلاتها ،أم هل يتعاطف مع النملة التي تريد تغذية
والسهولة والوضوح ،وغلبت عليها الجمل أطفالها ،ولعل الومضة تشير إلى التكامل والتوازن
الاسمية ،وكثرت فيها الأسماء والمصادر وأسماء
المعاني ،وقل ْت فيها ال ُجمل الفعلية والأفعال ،يقول في الكون.
الدكتور عيسى برهومة« :تستخدم المرأة الأسماء
أكثر من استخدام الأفعال ،فيما يميل الذكور إلى خصائص قصيدة الومضة
استخدام الأفعال بكثرة ،ويعلل بعض الدارسين
وقصيدة الومضة قصيرة لا بعدد أس ُطرها وقلة
أن التفاوت في استخدام الأفعال والأسماء مآله كلماتها فحسب ،وهي قصيدة ومضة لا بالموقف
إلى طبيعة الجنس ،فالتعبير بالأحداث يفضي إلى الجزئي الصغير الذي تعبر عنه فحسب ،أو بالحالة
سيطرة فاعلة ،أما التعبير بالأسماء فيعني قبو ًل المحدودة التي تصورها ،وإنما هي قصيدة ومضة
والتزا ًما»( ،)13ويبدو مثل القول مقبو ًل على التغليب بمشهدها الحسي المكثف ،الذي يخفي في أعماقها
قيمة أو فكرة أو حالة ،من غير تحديد أو توضيح،
والترجيح ،لا على التعميم والتأكيد ،ولعل هذه
البساطة والسهولة والعفوية في الو َمضات راجعة فالوضوح المباشر لا يثير الخيال ،ولا يحرض
إلى طبيعة قصيدة الومضة ،ولعلها راجعة أي ًضا إلى العقل على التفكير ،ولا يثير العواطف ،يقول إدموند
طبيعة تفكير المرأة ،وهي بصورة عامة لا تميل إلى بيرك« :إن الوضوح الكبير لا يساعدنا إلا قلي ًل في
التعقيد والغموض كميل الرجل. التأثير على العواطف ،على اعتباره إلى حد ما عد ًّوا
وقد سميت هذه الومضات في المجموعة «نوافذ» لكل حماسة»(.)9
وهي حقيقة نوافذ على المجتمع ،ولا سيما على إن قصيدة الومضة تثير فينا الإعجاب ،ونحس بها
حالات البؤس والفقر وتشرد الأطفال ،وعلى الحياة بما فيها من لطف ونعومة ورقة ورشاقة ،وهي
الداخلية للمرأة ،ولا سيما إحساسها بغياب الحب. قيم جمالية على النقيض من قيم الجليل والرائع
والعظيم ،فما نخضع له ،نحس نحوه بالجلال
ولا نزعم أن الومضات تعبير عن ذات كاتبتها، والعظمة ،وما يخضع لنا ،لصغر حجمه ،نحس
وأنها تصوير لتجربة ذاتية مباشرة ،بل نذهب إلى نحوه بالجمال واللطف ،ولذلك يمكن أن نقول
عن الومضات إنها لطيفة ،ولا يمكن أن نقول عن
القول إلى أنها تعبير عن حالة إنسانية ،ووضع المعلقات إلا أنها جليلة وعظيمة ،يقول إدموند
اجتماعي ،فالأديب حين يكتب إنما يمثل ظاهرة،
ويعبر عن حالة ،ولو استعمل ضمير المتكلم ،وليس بيرك« :فنحن نخضع لما ُن ْع َج ُب به ،ولكننا ُن ِحب ما
من الضروري أن يكون الشاعر قد مر بالتجربة َي ْخ َضع لنا ..وإذا نظرنا إلى الكمية قلنا إن الأشياء
الجميلة تكون صغيرة نسبيا»( ،)10ثم يذكر إدموند
نفسها التي يصورها. بيرك الزهور فيقول« :إن الجميل يكون من أنواع
الزهر المشهور بضعفه وعمره القصير»( ،)11ويتكلم
تعليق النقاد
على جمال المرأة فيقول« :إن جمال النساء ُي ْع َزى
وتتضمن المجموعة في الختام كلمتين للشاعر شاهر إلى ضعفهن أو كياستهن ،ومما يزيدهن جما ًل
خضرة ،والأديب محمد كمال ،وكلمة الأستاذ شاهر خجلهن»( ،)12ويمكن أن نفهم من كلام إدموند
بيرك أنه يقصد بالضعف الرقة واللين واللطف،
خضرة طويلة في صفحتين ونصف الصفحة،
وهي تحت عنوان« :انطباعات» ،و ُيعرب الأستاذ
شاهر عن عدم إعجابه بقصيدة مطولة في المجموعة
عنوانها «الوطن» ،ويقول« :وعلى الرغم من س ُمو