Page 62 - m
P. 62

‫معايير قصيدة الهايكو مناسبة‬

               ‫لقصيدة الومضة‪ ،‬ويقول عنها د‪.‬شاكر‬

                                                         ‫ُم ْطَلق عليها فيقول‪" :‬إن الهايكو‬

                                                         ‫بالتحديد هي القصيدة ذات الأسطر‬

                                                         ‫الثلاثة‪ ،‬والمقاطع‪ ..‬التي تحتوي‬

                                                         ‫على صور من الطبيعة أو انطباعات‬

                                                         ‫عنها في المركز الأول‪ ،‬وبذلك فإن‬

               ‫موضوعها محصور بدقة في الطبيعة‪..‬‬

                                                         ‫ولا ُيطلب هنا من الشاعر أن يعرض‬

‫شاكر ُم ْطلَق‬                                            ‫عواطفه‪ ،‬وانفعالاته الشخصية‪ ،‬وإن‬

               ‫كان يمكنه من خلال صور الطبيعة أن‬

     ‫ومن ال َو َمضات المتألقة‪« :‬غيوم في‬                                          ‫يرمز إليها"‬
      ‫السماء‪ /‬مظلة مطر‪ /‬وعصفور»‬
   ‫(ص‪ ،)141‬وعلى الفور يدخل المتلقي‬                       ‫موضوعي‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ :‬إيجاد مجموعة أشياء‪،‬‬
  ‫في جو الومضة‪ ،‬ويكاد يحس برعشة‬                             ‫أو موقف‪ ،‬أو سلسلة من الأحداث لتصبح قاعدة‬
 ‫العصفور‪ ،‬ونداوة المطر‪ ،‬ويحس المتلقي‬                         ‫لهذا الوجدان‪ ،‬بنوع خاص‪ ،‬حتى إذا ما اكتملت‬
‫بالجمال‪ ،‬وتطمئن نفسه‪ ،‬ويشعر بالانسجام والألفة‬             ‫الحقائق الخارجية التي لا بد وأن تنتهي إلى خبرة‬
                                                                      ‫حسية‪ ،‬تحقق الوجدان المراد إثارته»‪.‬‬
                                       ‫والبهجة‪.‬‬
 ‫ومن ومضات الطبيعة الساحرة‪« :‬أمطار‪ /‬براعم‪/‬‬                      ‫الطبيعة وحرية الخيال‬
 ‫فوق الشجر» (ص‪ ،)141‬وهذه هي الومضة الحق‪،‬‬
‫تضع المتلقي في قلب الطبيعة‪ ،‬وتتركه يتأمل بهدوء‪،‬‬               ‫وقد حققت بعض الومضات السحر‪ ،‬وأطلقت‬
  ‫ولا تقول شيئًا فكر ًّيا محد ًدا‪ ،‬ولكنها جماليًّا تقول‬    ‫للمتلقي حرية التخيل والتعليق‪ ،‬ليفهم من اللوحة‬
                                                           ‫ما يريد‪ ،‬ولا سيما الومضات التي تعلقت بالحس‬
    ‫كل شيء‪ ،‬وليس من الضروري تأويلها بالأمل‬
‫والتفاؤل والمستقبل‪ ،‬والأجمل أن يتعامل المتلقي مع‬             ‫الجمالي في الطبيعة‪ ،‬وكانت مكثفة ج ًّدا‪ ،‬لا تزيد‬
                                                           ‫عن أربع كلمات‪ ،‬أو ست‪ ،‬وهي هنا أشبه بقصائد‬
       ‫اللوحة بالحدس والحس لا بالعقل والتفكير‪.‬‬             ‫الهايكو اليابانية‪ ،‬ومنها‪« :‬شجرة ليلك‪ /‬وضوء‪/‬‬
          ‫ومنها أي ًضا‪« :‬خريف‪ /‬وأشجار تتعرى»‬               ‫في السماء» (ص‪ )149‬فالومضة هنا ترسم لوحة‬

    ‫(ص‪ ،)143‬ثلاث كلمات‪ ،‬خلقت منا ًخا متكام ًل‪،‬‬               ‫مصغرة مختزلة‪ ،‬وتمنح المتلقي حرية الانفعال‬
     ‫يعيش فيه المتلقي‪ ،‬وما عليه إلا التأمل‪ ،‬وعيش‬         ‫والتواصل مع النص‪ ،‬والإحساس المحض بالجمال‪.‬‬
 ‫اللحظة بكل ما فيها من عمق وجمال‪ ،‬وفي الومضة‬
‫حركة مستمرة في الفعل تتعرى‪ ،‬وله إيحاءات تنبئ‬

          ‫بالتحول والتغيير وانفتاح على المستقبل‪.‬‬
  ‫ومنها أي ًضا‪« :‬ريح‪ /‬كنست الأوراق‪ /‬الأشجار‪/‬‬
 ‫بكت» (ص‪ ،)139‬ففي هذه الومضة الأخيرة إيحاء‬
   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67