Page 112 - merit 48
P. 112
العـدد 48 110
ديسمبر ٢٠٢2
تظن أنها ربما كانت تصبغ شعرها بإصرار وصبر
عبر السنوات.
أحدثها ،أقول لها:
“أنا داليا يا تيتا .ازيك؟ إنت كويسة .وحشتيني
قوي .أنا داليا .أنا جيت من الكويت».
أحاول تصحيح لكنتي المصرية ،تخرج كلكنة
أجنبية.
أبي يتحدث بمصرية خالصة:
“متقلقيش .عمك متفق مع صاحب البيت .وملكيش
دعوة أنت بموضوع الشقة”.
يسقط الوشاح من على رأسي .لا أعبأ به .أحاول
أن أتجنب نظرات مرتدي البالطو الأبيض وزوار
المستشفى قدر الإمكان.
“لكن يا بابا لو تيتا بقت كويسة ..قصدي إن شاء
الله تبقى كويسة ،مش هترجع الشقة؟ مش هترجع
بيتها تاني؟»
“اسمعي اللي بقول لك عليه .عمك هو المسؤول.
ملكيش دعوة بالموضوع ده”.
لا أفهم شيئًا .النقاش معه غير مجد .ربما
هو تحت وطأة الصدمة ،صدمة فقد الأم.
ربما يظن أنها مفقودة .لكنني أحدثه
عنها ،عن تناولها بعض الطعام اليوم.
ربما تغفو .تتكلم قلي ًل بصوت
واهن ثم تغفو .أقول له إنني أفهم
كلامها ،إنها بخير ،إنها خرجت
من الإنعاش .لكن أبي لا ينصت.
ننهي المكالمة وأنا لا أعرف ماذا
سأقول لتيتا .هل آخدها معي
إلى فندق؟ هل يوافق أبي على
ذلك؟ أنا الصغرى .أنا لا أعرف
شيئًا .لماذا تحمست للمجيء؟
لا أحد يتحدث لهجتي هنا .أنا
غريبة .أتحدث بنصف لسان.
البعض يعتقد أنني خليجية .هل
أنا كذلك؟
أعود إلى غرفة جدتي .إنها تغفو.
جهاز المحاليل معلق بيديها كأنه خيط
واهن يربطها بعالمنا ،بعالمي .ودكتور
القلب سيأتي لزيارتها .دعامات قلبها