Page 113 - merit 48
P. 113
111 إبداع ومبدعون
قصــة
على سؤالي بصراحة .في َو َسطنا نخفي عن بعضنا بحاجة إلى إشراف طبيب .هو ال َح َكم وربما يصدر
البعض من أين نمتلك الجمال ،خشية منح منا ِفسة ال ُحكم الأخير ،حكم الحياة أو الموت .ربما هذا ما
ينتظره أبي .وربما هذا ما أنتظره كي أفلت من هنا
ما فرصة على حسابنا .لكن أنا و»ريما» كنا
صديقتين من عمر ما قبل المنافسة .نستطيع أن وأعود إلى هناك.
ندير ظهورنا لبعض دون خوف من طعنة غدر.
دعوة عشاء
طلب ُت المزيد من المشهيات .ذ َّكرتني بالسعرات
الحرارية .ضحك ُت بسخرية: لا أدري إن كانت نظرة الترقب في عينيها توق ًعا
لصراخ أو لما شابه من جانبي أم أنها كانت تتمنى
“التجميل بيقدر على كل حاجة دلوقت حتى الزمن”. أن أفعل وتشجعني بعينيها الحائرتين .عوض ذلك
أشاحت بوجهها بعي ًدا .لم تعترف أب ًدا بال َح ْقن الذي
أجرته في وجهها .الوجنات المرتفعة والشفاه العليا اخترت أن أدعوها على العشاء.
“ناكل حاجة خفيفة مع بعض؟ معملنهاش من زمان
الغليظة تفضحها طوال الوقت .صورها القديمة
شاهد .حدثتها عن طرق جديدة لفرد التجاعيد يا ريما”.
ونحت الوجه .عن طريقة إذابة الدهون الموضعية ابتسمت وذكرتني بعادتنا القديمة في تناول الفطور
وتغيير ملمس البشرة والعبث في استدارات الثدي في المطعم الفرنسي الطابع المقابل للجامعة .ذكرتها
والأرداف .استمعت إل َّي في توتر .يبدو أنها مذنبة بخروجاتنا الكثيرة في الصيف على شاطئ الخاصة.
ضحكت وهي تتذكر كيف كنا ننفق الآلاف كل ليلة.
بلا شك.
“الأعراض الجانبية خطيرة”. “كنا مجانين”.
كان تحذي ًرا ساذ ًجا منها .البشرية تخطته منذ مطلع هكذا أقرت .ح ًّقا يا «ريما»؟ أكنا مجانين ح ًّقا أم كنا
القرن العشرين .المرأة التي لا تلجأ لعمليات التجميل
هي المرأة الفقيرة أو اليائسة من أن تجد حبًّا أو صديقتين؟
عش ًقا لا يعشش في جنبات خيالها ويتجسد واق ًعا. عرضت تقسيم الفاتورة بيننا .نحن من الخاصة
رددت عليها بكل ثقة وأنا أرشف من كأسي. يا «ريما» لا نقسم الفواتير .لا نقتسم شيئًا ولا
“أن ِت بتشتري جمالك وسعادتك .مفيش أعراض نشارك العامة أشياءنا ولا ملابسنا ولا سياراتنا
جانبية ل ِشرا الجمال والسعادة”. ولا أزواجنا أي ًضا .أتعلمين أن أي تع ٍّد على الملكية
ألا تدركين أيتها الحمقاء كم هو عابد للجمال؟ يقدم الخاصة ي ُحط من قدرنا كفعل وليس كنتيجة؟ أم أن
له القرابين مرة كل ستة أشهر .يجوب الصحارى
والقفار بحثًا عنه .لا يتورع عن التمرغ في الأوحال عملك الطويل خارج البلاد قد أنسا ِك ِق َيمنا؟
لأجله .لا يقيم عه ًدا ولا حرمة لشيء سوى لي. جلسنا في مواجهة بعض على الطاولة المغطاة
يخشاني وأنا أسلسل كلبه النابح وأتركه يلحس بمفرش الموكاسان .النادل ابتعد بعد ديباجة
عظماته التي يشتهيها من وقت لآخر كيلا يفلت طويلة ،يراقبه من بعيد رئيسه ويبدو أنه يحصي
مني .هل ظننت أنني س ُأ َسلِّم لك السلسلة بهذه عدد الدقائق التي قضاها النادل في الترحيب بنا.
البساطة؟ كم أنت حمقاء! سألتني:
تناولت اللحم الأحمر بالصوص الغامقة باستمتاع “نبيذ أحمر ولا أبيض؟”
لم أشعر به منذ زمن طويل .استغربت «ريما» أنني “وهو الأبيض يبقى نبيذ برضه بذمتك؟”
ضحكنا سو ًّيا .الليلة ليلة الأحمر يا “ريما”.
طلبت طب ًقا معق ًدا .اكتفت بلحمها الباهت الخالي َط َل َبت لح ًما أبيض وكأنها تعاند قانون السهرة.
من الألوان وقطع الخضروات المتناثرة .هل تعرف
سألتها:
لون الشهوة أم أنها اكتفت بركن الناسكة الذي “منين الفستان ده؟”
تدعي تمسكها به منذ ثلاث سنوات؟ سألتها عن كانت ترتدي ثو ًبا قصي ًرا على الركبة به خطوط
آخر أخبار القلب وعن الصورة التي ظهرت لها في تلتف بميوعة حول مناطق الغواية ،وألوانه المتداخلة
تخدع البصر فلا تستطيع لها تحدي ًدا .لم تجب